أضف تعليق

كان اسمها سميرة

معتقلات
لعلّه كان شهر آب.. وربّما كان اليوم الأوّل فيه.. وكان اسمها بالتأكيد سميرة.
في عكرمة بحمص، وصلوا صباحاً من حلب، وصادف أن سميرة- ابنة صاحب المنزل- كانت قد وصلت بيتها قبلهم ببضع ساعات، بعد غياب أسابيع.

لم يكن له أن يتوانى في 1987 عن الذهاب إلى حمص في مشوار خاطف، لوداع صديق كان يستأجر أخوه غرفة عند أهل سميرة. فصديق دراسته الأعزّ عائد غداً إلى فلسطين بعد أن تخرّج من الجامعة.

كأنها لم تكن حمص. فاجأه التراب والغبار والطابع الريفي. بالتأكيد لم يكن الحيّ جزءاً من ذكريات والده. كان يسمع باسمه “عكرمة” لأول مرة، هو الذي يزعم أنّه ينتسب أصلاً إلى حمص.

يقول إنّه لم يرَ في حياته عيانيّاً، حتى الآن، جسداً كجسد سميرة التي أصرّت أن تقوم بواجب الضيافة، وصنع الشاي للضيوف، والمتّة لها.

ابتسامتها وترحابها وحيويّتها لم تحجب الدمغات الزرقاء المتشققة على جبينها وجفونها ومحيط عينيها. بعد تعارف قصير، واستفسار فضولي، كشفت عن ساعديها ورجليها، ليرى خطوطاً متوازية من الأخاديد الدامية على مساحة الزندين والفخذين والساقين، أخاديد متقاربة رفيعة كحد شفرات السكين مازالت تنزّ الدماء. أمّا أصابع قدميها فمتورّمة جداً، متراكبة لا تستطيع الاصطفاف، متضخّمة حتى لا يمكن تمييز الإبهام من باقي الأصابع.

كل ما في الأمر، أن سميرة كانت قد استُدعيت إلى فنجان قهوة، وتحقيق يتعلق بالمؤامرة. طال التحقيق قليلاً، وكانت القهوة مرّة جداً، و”مخصوصة” جداً، مع عناية خاصة بالشتائم، كونها علويّة، من حي عكرمة في حمص، الذي كان حينها ترابيّاً مغبرّاً.

يرجى تسجيل تعليقك..